حديث عن الاسلام السياسي

بقلم : سعاد عزيز
منظمة الالوية الحمراء و منظمة بادر ماينهوف و الجيش الاحمر الياباني و التوباماروس، وغيرها من المنظمات اليسارية الثورية في عقدي الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي، إقترنت اسماءها بعمليات إرهابية نظير الخطف و الاغتيال و التفجيرات لأنها وجدت من هذا الطريق سبيلا لإيصال رسالتها، فصارت مصدر خوف و رعب من جانب أجهزة المخابرات الدولية.
منظمة الالوية الحمراء و منظمة بادر ماينهوف و الجيش الاحمر الياباني و التوباماروس، وغيرها من المنظمات اليسارية الثورية في عقدي الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي، إقترنت اسماءها بعمليات إرهابية نظير الخطف و الاغتيال و التفجيرات لأنها وجدت من هذا الطريق سبيلا لإيصال رسالتها، فصارت مصدر خوف و رعب من جانب أجهزة المخابرات الدولية.
تلك المنظمات وإن تم إدراجها ضمن قائمة المنظمات الارهابية، لکنها مع ذلك کانت تحمل بعضا من المبادئ و القيم التي تدعو إليها ضمن نظام القطبين الذي کان سائدا وقتئذ، لکن هذه المنظمات و حتى تلك التي کانت تتسم بعنصرية فجة مثل عصابات"کوکس کلان" الامريکية، لم تقم بإقتراف جرائم تتجاوز الحدود و الاعراف المرعية دوليا، غير أن الذي حدث مع صعود نجم الارهاب الاسلامي المتطرف الذي إتخذ و يتخذ من فهم و سياق محدد لمبادئ مستمدة من الفقه الاسلامي کأساس لتحرکه السياسي ـ العسکري، هو أن مفهوم الارهاب قد إتخذ أبعادا و آفاقا اخرى جعلت من ظاهرة الارهاب السياسي ـ الحرکي الذي کان جله يدور في مدارات يسارية أم يمينية متطرفة، بمثابة مجرد فقاعات أو فرقعات بالونية محدودة التأثير و الامتداد، ذلك أن الارهاب الاسلامي الحرکي المتطرف الذي بدأ بنشاطات ملفتة للنظر في بلدان عربية عدة قد يکون أبرزها مصر "التي دفعت حياة الرئيس السادات ثمنا لذلك" و الجزائر، سعت منذ البداية الى الخلط بين ماهو کائن و مايجب أن يکون، أو بکلمة اخرى حاولت"وقد لاتکون فاشلة في محاولتها هذه" أن تمزج بين النظرية و التطبيق، ومن خلال ذلك کان مايکون أشبه بمحاکاتها للنصوص الدينية المقدسة من قرآن و حديث نبوي و الخروج بفهم جديد لها يخدم نظرتها و رؤيتها الفکرية للاحداث و الامور. وفي هذا السياق قامت تلك التيارات المتطرفة بإلقاء اللوم کله على الامة بإبتعادها عن دينها و رأت أن الانظمة العربية الحاکمة قد لعبت و تلعب دورا "خطيرا" في إلهاء الجماهير و خداعها کي تنشغل عن امور دينها.
ولاداعي للخوض في تفاصيل إتهامها للانظمة العربية بالعمالة و التبعية" للغرب الصليبي و الصهيونية العالمية" إذ أن هذه التهمة تکاد تکون الشماعة المفضلة لدى کل أطراف الازمة السياسية ـ الفکرية ـ الاجتماعية ـ الاقتصادية في المنطقة.
العامل المهم في المسألة هو أن الاخطاء العديدة التي وقع و يقع فيها النظام العربي الرسمي منذ نشوئه بعد إنهيار الدولة العثمانية و تفاقم تلك الاخطاء و وصولها الى مفترقات حادة و حساسة جدا، هيأ أکثر من بيئة و عوامل ملائمة لنشوء تيارات رافضة لعموم الوضع بدءا من اليسار المتطرف و إنتهاءا بالتيار الديني المتطرف أيضا و الذي شهد صعودا حقيقيا مع تلاشي النفوذ السوفيتي في أفغانستان في السبعينات من الالفية السابقة. ولامناص من الاقرار بأن الولايات المتحدة الامريکية قد لعبت دورا سيئا جدا في إذکاء الاسلام السياسي من خلال ماکان يصطلح بتسميته" الصحوة الاسلامية"، وهي ورقة لعبتها أمريکا ضد غريمها السوفيتي أيام الحرب الباردة و إنقلب اليوم عليها وبالا مع الاشارة الى أن الجمهورية الاسلامية الايرانية و وجوه منتسبة لحرکة الاخوان المسلمين، قد وظفوا هذه الورقة لصالح أهدافهم و غاياتهم.
 بيد لو کان الامريکيون من ساهموا في قدح الشرارة الاولى لهکذا تيار، فإن النظام العربي الرسمي کان الارضية الانسب لهذا التيار من حيث بقاءه و إستمراره. إن الوضع الإستثنائي الذي تشهده اليوم الساحة الدولية عموما و المنطقة خصوصا من الابتلاء بإرهاب ذو نوعية خاصة جدا قد يکون من المناسب جدا تسميته "إرهابا شبحيا" من حيث دقة و سرية تنظيمه و تحرکه و ضربه للأهداف التي يحددها.
أما السمة الانتحارية التي تميز بها و الذي فاق الکاميکاز اليابانية، فقد أذهلت و أرعبت في نفس الوقت کل الاطراف الدولية على وجه الخصوص. والغريب في الامر أن کل الاطراف المختلفة من دولية و إقليمية قد حاولت توضيف تيار الارهاب الاسلامي المتطرف لصالح أهدافها و مصالحها، لکنها جميعها تدرك و تعي أنها تشترك في معاداتها لهذا التيار و الوقوف ضده مهما کلف الامر.
وليس مشروع الشرق الاوسط الکبير من أساسه وفي حد ذاته إلا رد فعل منطقي من قبل الامريکيين على تداعيات الوضع الدولي بعد توالي الهجمات الارهابية و إتخاذها أبعادا تتجاوز کل الخطوط المسموحة لها. وإذا کانت الادارة الامريکية قد خلطت الاوراق السياسية من أجل أهداف محددة لها و سعت لإلصاق تهمة الارهاب بحرکات قد لايصح إطلاقا وضعها تحت هذه التسمية من قبيل منظمة مجاهدي خلق وقبل ذلك منظمة التحرير الفلسطينية، حيث کان الهدف من وراء ذلك ليس الارهاب بحد ذاته وانما تحقيق غاية و أمر آخر تحت غطاء الارهاب.


Comments

Popular posts from this blog

Iran: Protest Gathering of Entrepreneurs of Tehran's Plasco Building